By Marcelle Mansour بقلم مارسيل منصور
من أعجب ما يستوقف النظر من عادات الناس اليوم هو الولع الشديد فى استخدام الفيسبوك حتى أنه يصل أحيانا الى درجة الإدمان ، والمحور فى ذلك كله هو إحداث التغيير فى صور الحياة المعاصرة حيث يجد الأغلبية فى ذلك فرصة مشتركة تشبع فى أنفسهم وجدانا وفكرا متبادلا
فمنذ أيام مضت إحتفلت شبكة الفيسبوك بعيدها السنوى العاشر، إذ حققت أرباحا طائلة قيمتها 106 مليار دولار، ولا شك أن الفيسبوك يعتبر من أهم شبكات الاتصال الإكترونى الأربعة وهى شبكة الإنترنيت والويكيبيديا وسكايب ، فمنذ عشرة سنوات حينما كان طالبا فى جامعة هارفارد ، أطلق مارك زوكربيرج شبكة الفيسبوك – وهى شبكة الكترونية اجتماعية فى غرفته فى السكن الجامعى حصريا لطللاب الجامعات ، ومنذ ذلك الحين إجتذبت 1.23 مليار مستخدما 80% من هؤلاء يعيشون خارج أمريكا الشمالية ، ثم أخذت هذه الشبكة تنمو بسرعة هائلة حتى أن الجميع بدأ يستخدمها من أجل التواصل مع بعضهم البعض . وتدل الإحصائيات على أن أكبرعدد يستخدم الفيسبوك حاليا هو من الذين تتراوح أعمارهم من 65 عاما وما فوق . وقد وجد مركز ” بيو ” للأبحاث أن المستخدمين من ذوى الأعمار 29-18 قد انخفض فى الهام الماضى ، وأن هؤلاء ما بين الأعمار 18-16 قد انقطعوا عن استخدام الشبكة وذلك لشعورهم بالحرج عند إفشاء خصوصياتهم لدى والديهم المستخدمين لها . ومن الطريف أن الفيسبوك يواجه اليوم موجة جديدة من المنافسة إذ تحول الشباب المراهق الى استخدام الهواتف النقالة الذكية مثل إنستاجرام ، كما وأن هناك شبكة جديدة فى طريقها الى الظهور يقال أنها ستنافس الشركات الأخرى لتصبح شبكة خاصة بالمراهقين ، كما وأنه من المتوقع أن يهجر الكثير الفيسبوك بحلول عام 2016 … وهل ممكن حدوث ذلك يا ترى ؟
وإذا كان ابتكار الإنترنيت هو الأكثر تمييزا فى مجال الإتصالات الإكترونية فى تاريخ البشرية من حيث التواصل السريع والحصول على المعلومات ، فإن التطور السريع للفيسبوك كواحدة من الشبكات الإجتماعية قد جعلها وسيلة بالغة الأهمية حتى أن 30% من السكان فى العالم يعتقدون بأن الفيسبوك هو الانترنيت ! وبالطبع هذا إعتقاد خاطئ
ويمكن القول بأن شبكة الفيسبوك هى الأكثر شيوعا ، وكما هو الحال فى كل اختراع له مزايا وعيوب ، ولكن عادة حجم المزايا هو أكبر من العيوب بمعنى أن الإيجابيات هى أكثر من السلبيات . وأود هنا أن أطرح هذا السؤال : فهل يمكن للفرد اليوم أن يتصور وجود الإنترنيت من غير الفيسبوك ؟ .. وأعتقد أن الجواب نسبيا .. وإن كان الكثير بالطبع سيجيب بالرفض لأن هذا أمر مسَلم به لدى الكثيرين
لا شك أن شبكة الفيسبوك لها من المزايا القيَمة كوسيلة رائعة للتواصل مع الملايين من البشر محليا وعالميا حيث يمكن التشارك مع كل الناس فى حياة الفرد ، والحصول على أصدقاء المدرسة والأصدقاء القدامى والمعارف والجمعيات ، هذا الى جانب الدردشة والرسائل ، ولا يغيب عن بالنا أيضا إستخدام الفيسبوك فى تطور الأعمال الحرة وتبادل المعلومات مع الشركات العالمية الأخرى
ومن جهة أخرى ، وكما يقول المختصون فى هذا المجال – إن من أهم مساوئ الفيسبوك هى انتحال شخصيات وهميَة واستخدامها فى الخدعة من أجل مضايقة شخص آخر يغيرون منه أو يحقدون عليه . كذلك إنتهاك الخصوصية فى الفيسبوك هى مساوئ شائعة جدا مثل استخدامه فى الشجار بين الأقارب والآصدقاء والمتزوجين . وللأسف كان لهذا الإستخدام الخاطئ ننتائج سيئة مثل إفساد العلاقات الحميمة بين الأقارب وحالات الطلاق بين الأزواج بنسبة 30% ، ولذلك اذا لم يستخدم الإنسان الفيسبوك بالطريقة الصحيحة فمن الممكن أن يعرض نفسه لأن يكون فريسة للأعداء وللمغتاظين والحاقدين وغير المحببين ، وذلك بسبب الجهل بقوانين الخصوصية فى الفيسبوك ، كما ويقال أيضا من عيوب الفيسبوك أن هناك بعض الأفراد يستخدمونه من أجل المباهاة والتفاخر بنمط الحياة الى يعيشونها ، وفى المبالغة فى نشر الصور العديدة التى يأخذونها لأنفسهم والتى يطلق عليه اسم سيلفس . والعجيب هنا كأن صفحة الفيسبوك هى الفرصة الوحيدة لطريق الشهرة أو لنشر الأخبار المتلاحقة من أجل إرضاء الأنا ” أيجو” ظنا من هؤلاء أن الجميع فى حاجة لتتبع أخبارهم ، والأعجب من ذلك أن مثل هذا التصرف قد تسبَب فى حدوث الغيرة والكراهية لبعض الناس المهتمين بهذه الأمورالتافهة
أما الإدمان فهو من أكبر العيوب الرئيسية فى الفيسبوك لما يسببَه من المشاكل عن طريق قتل الوقت الثمين ، ويقول الإخصائيون فى علم النفس أن هذا الإدمان مرتبط بظاهرة الخوف من عدم الإلمام بجميع الأخبار والتى يُطلق عليها اسم ” فومو ” وهى اختصار لاصطلاح “الخوف من افتقاد الأخبار والمعلومات”
وفى الختام يمكن القول بأن استخدام الفيسبوك هو شئ جيد اذا عرف الفرد منا كيفية استخدامه بحكمة وبحدود المعقول لمدة عشرة دقائق مثلا ، وذلك من أجل المنفعة وليس الخراب … من أجل الإفادة والإستفادة من المزايا وتجنب العيوب … وعندهايكون استخدام الفيسبوك دواء وليس داء
17/2/2014 هذا المقال قد نشر في جريدة التلغراف العربية ، تحت عمود “كلمة عابرة “، بقلم مارسيل منصور بتاريخ