By Marcelle Mansour بقلم مارسيل منصور
إن حياتنا على امتداد ما يحدث فى القرن الواحد والعشرين مضطربة الأمواج ومهتزلة المعايير . فهناك علامات مختلفة تدل على أن عصرنا يكتنفه كثير من الضباب . لأنه عصر التحولات السريعة والأفكار المتعددة . اننا فى هذه المرحلة التاريخية المعاصرة والأوضاع السياسية والإجتماعية الراهنة التى يحتازها الفرد منا سواء فى بلاد الأم أو بلاد المهجر ، لفى أشد الحاجة الى مَن يبرز خفايا ذواتنا ويحلل اتجاهاتنا الفكرية والإبداعية ، ليكشف لنا عن الجوهر الكامن وراء ستائر الإضطرابات المبهمة فى ظل واقع التعدد والتنوع فى الفكر الفردى والثقافى عند الأفراد والمجتمع .
فى هذا الكتاب ” أحاديث قلم فى مرايا الذات و المجتمع ” ، رحلة جميلة فى تأمُل الذات وما حولها ، حيث اجتاز الكاتب الأب يوسف جزراوى مواقف متعددة من الحياة ، استطاع خلالها أن يعكس مرايا وقفاته الفكرية والوجدانية المُحددة ، قوامها أن حالة التأمل هى الحالة الأكيدة التى تُخرج الإنسان من واقعه المحدود . فالإنسان المتأمل البصير فى أغوار الذات يستطيع أن يرى شعاعا من النور قد يكون هو الرؤية الحقيقية فى أعماق النفس البشرية التى يستطيع من خلالها أن يخرج من عالمه الصغير الى العالم الفسيح الأرجاء ، ليستشف من خلاله المعانى الصحيحة للمفاهيم الضرورية لحياتنا مثل : الحرية ، التحرر ، المسؤولية والإنسانية … وغيرها ، وبذلك يمكنه أن يُغير من واقعه الى الأجود .
كما وأن الكاتب فى أسلوبه الأنيق استطاع أن يمس بقلمه أوتار القلوب – ففى تدوينه ونقله لسلسلة من تجاربه الشخصية وأحاديثه مع القلم – استطاع أن يسلب من نفسه كوامن أسرارها ، فانتزعها من بحر أعماقه ونشرها على الملأ . وهنا لابُدّ وأن أشير الى أنّ الأديب الأب يوسف جزراوى – وهو من أُدباء هذا الجيل المُعاصر – أنّ نتاجه الأدبى ذو قيمة عالية . فهو يُجسد فيها أفكارا عامة وعميقة . ومهما كان فى أحاديث قلمه ، فإن من شأنه إمكانية التأثير على قارئيه فى تحويل واقعهم الى الأفضل أولاً وأخيراً .