عجاقة أول رئيس أسترالي للمجلس التشريعي من أصل لبناني فلسطيني

 Marcelle Mansour Annahar    Marcelle Mansour @ Hon John Ajaka, Painting, 2016    

 بقلم مارسيل منصور

من المألوف لدينا أن  يكون هناك تمييز بين أصحاب القيادات السياسية والفكرية والعلمية وغيرهم من رجال الاعمال والفئات الأخرى المتعددة ، ولعل ما يميز الفئة الأولى هوأنهم جماعة لها من القدرات العالية التي تؤهلها لأن تمسك دفة القيادة اللائقة . وأن هؤلاء تختلف مراكزهم في البلاد المختلفة ، ففي أمريكا مثلا غالبا ما تكون صدارة الرأي للخبراء الذين مارسوا العلم تطبيقيا ، وفي روسيا يتولى القيادة رجال السياسة ، وفي ألمانيا تترك القيادة الفكرية لأساتذة الجامعات العباقرة في مجالات الثقافة والأدب والفنون ، وفي إنجلترا وفرنسا يتولى زمام الحكم القادة المفكرين من رجال الأدب والفن والثقافة غيرالأكاديمية ، وفي العالم الثالث حيث الدول التي تحررت من الاستعمار تسلم القيادة للثوار . وفي العالم العربي تسيطرعليه القيادة الأحادية .

أما في أستراليا البلد المحظوط ، فما زلنا نشهد فيها سياسة القرن الواحد والعشرين في القيادة الديمقراطية المتمثلة في العلاقات المتبادلة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والمقاطعات ، والتفاعل الديناميكي بين جميع الأطراف القيادية بما فيها السياسية والفكرية ، من أجل وضع الحلول المناسبة لجميع القضايا الملحة التي تواجه البلاد . وذلك لأن أستراليا من البلاد الناهضة والمتقدمة جدا في العالم ، وقد يظهر ذلك في انتقاء القيادات ، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب حسب الكفاءة والقدرات والخبرات – بغض النظرعن الأصول الإثنية – ومراعاة الأمانة في احترام الديموقراطية في التعددية الثقافية .

وفي هذا السياق يجدرالذكر هنا ، أننا قد رأينا في الآونة الأخيرة لهذا العام تعديلا وزاريا ، والذي أسفرعن انتخاب الوزير السابق النائب جون عجاقة رئيسا للمجلس التشريعي في ولاية نيو ساوث ويلز في الواحد والعشرين من شباط/فبراير2017 ، وقد شغل سابقا منصب وزير لكل من التعددية الثقافية وكبار السن وخدمات الإعاقة في الولاية ، وكذلك وزير لشئون الشبيبة والتطوع ، وأمين السر للمواصلات والطرقات إلي جانب خدمات الكثير من اللجان . وقد تم انتخابه رئيسا للمجلس دون منافس بعد أن أصبحت غلاديس برجيكليان رئيسة ولاية نيو ساوث ويلز وأول سيدة تقود زعامة حزب الاحرار فيها .

وكما قالت برجيكليان في تهنأتها للسيد عجاقة بمناسبة تنصيبه رئيسا للمجلس التشريعي بأن لديها كل الثقة بأنه سيكون رئيساً رائعا لمجلس الشيوخ ، ولأنه كان وزيراً متميزا للتعددية الثقافية ، فسوف يقوم بمنصبه الجديد باستعمال خبراتة القيمة التي اكتسبها والروابط التي أسسها خلال خدمته كعضو في المجلس التشريعي في الولاية منذ عام 2007 ، و سيكون قياديا بارعا في الإشراف على حسن سير البرلمان .

وإنه لما يستحق الإشارة هنا إلى أن هاتين الشخصيتن البارزتين – عجاقة رئيس المجلس التشريعي في برلمان الولاية ، و برجيكليان رئيسة الولاية –  كلاهما ينتميان إلى أمهات فلسطينيات ! ولا بد وأن أذكر هنا إلى أنني لم أكن على دراية من ذلك حينما اقتربت منهما في البداية من أجل رسم بورترية لكل منهما على حدة ، وإدماجهما ضمن الشخصيات البارزة من الفئات المختلفة التي رسمتها في المعرض الفني ، كما وسعدت عندما التقيت بالنائب عجاقة في مكتبه آنذاك ، إذ عرفت عنه أكثر باللقاء المباشر وعن شخصيته الفذة ، فرسمت صورته المشرقة ذات الابتسامة الصادقة الصافية التي تشع على حياة مجتمعاتنا وجالياتنا المتنوعة بجميع أصولها وأجناسها ودياناتها وطوائفها دون تمييز

وفي احتفال الجالية الفلسطينية باليوم الوطني الفلسطيني الثامن عشر في برلمان الولاية في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ، عندما القى جون عجاقة كلمته في تلك المناسبة السنوية ، أشار فيها إلى أنه شخصياً ينتمي إلى والدين من أصول إثنية ، حيث أن والدته فلسطينية المولد ، ووالده من لبنان ، كما وأكدت ذلك الوزيرة غلاديس برجيكليان آنذاك عندما ألقت كلمتها يوم افتتاح المعرض ذكرت فيها انها وجون عجاقه كلاهما ينتميان إلى أمهات فلسطينيات من القدس .

لقد كان لي عظيم الشرف عندما افتتح الوزيرعجاقة معرضي الفني (كنز للأبد) آنذاك في غالاري آرت سباس كونكورس بمنطقة تشاتسوود في السابع من ديسمبر 2016 ، كما وألقى كلمة الافتتاح المعبرة بمناسبة اليوم العالمي للتسامح ، وهو الرجل الحكيم والمتحدث الذي يسكب على الملأ أفكارهه بصوت مميز ومسموع ، وأنني فخورة جدا برسمي لصورة الرئيس جون عجاقة .

 وفى الختام لا يسعني إلا أن أهنئ الوزير السابق النائب جون عجاقة على تنصيبه رئيسا ، إذ أصبح اليوم أول رجل أسترالي سياسي –  من أصل لبناني فلسطيني –  يتبوأ منصب رئيس المجلس التشريعي لأكبر ولاية في أستراليا ، فهنيئا لكل من الجاليتين اللبنانية والفلسطينية خصوصا ، وجميع الجاليات الأسترالية عموما بمافيها المتحدثة بالعربية ، فمبروك له ولنا .