زهرة المدائن .. يا قدس ألقيتها في سنتنيال تاون هول احتفالا في بينالي سيدني الحادي والعشرين بقلم مارسيل منصور

      

    

 زهرة المدائن .. يا قدس ألقيتها في سنتنيال تاون هول احتفالا في بينالي سيدني الحادي والعشرين بقلم مارسيل منصور

 في مقابلة أجرتها معي إذاعة راديو إي بي ٍسي – على غيرموعد – يوم الاحتفال في افتتاح “بينالي سيدني الحادي والعشرين لعام ٢٠١٨” الجمعة ١٦مارس آذار، سالتني المذيعة كلوديا تارانتوعن طبيعة العمل الذي شاركت فيه بهذا الحدث الرفيع من نوعه، فقلت :

كجزء من “بينالي سيدني الحادي والعشرين لعام ٢٠١٨” كان لي  نصيب لأن أشارك في مشروع عرض “سيدني كابوكي بعنوان “أغانينا”، والذي يقدمه ويعرضه “مركز الفن الآسيوي المعاصر” للفنان الياباني ومديرالمسرح أكيرا تاكاياما.  ولما كان مشروع “أغانينا” يشمل محادثات وأغاني وقصائد إبداعية تدورحول النسيج الثقافي المتنوع في سيدني، فمن جهتي، اخترت لأن أقوم بالأداء التمثيلي لقصيدة الأغنية الرائعة “زهرة المدائن …يا قدس” للأسطورة المطربة فيروز – إهداء للفدس –  والقيتها في في سنتنيال تاون هول، خصوصا وأن فيروز قدمت العديد من الأعمال الثرية عن القدس،  وكنت قد تشرفت قديما بأن تسلمت “وسام جبران خليل جبران” في سٍيدني نيابة عنها لعدم تمكنها من الحضورمن لبنان.  قدمت شعر “زهرة المدائن”عن ظهر قلب ومن غير موسيقى أو أي همس، كما وكتبت قصة هذا العمل باللغة الإنجليزية وفيها صورة عن لوحة القدس التي كنت قد رسمتها سابقا، حيث عرضت على جدارالغالاري مع جميع أعمال المشاركين ليقرأها الزائرين.

وبالطبع ارتديت هويتي المتمثلة في الزي الوطني الفلسطيني … ومشيت على منصة (الهاناميشي) الطويلة المرتفعة والمعدّة لتقديم الفنون الإبداعية، في قاعة “سنتنيال” في “سيدني  تاون هول”، إلى أن وصلت إلى الميكروفون لأبدا في أداء الشعرالتمثيلي الذي أخترته، وعندما انفعلت شيئا بعواطفي المنسابة، رأيت نفسي أغنّي بعض المقاطع لاشعوريّا. خصوصا في مقطعيّ ” لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي”، ومقطع “وستغسل يا نهرالأردن وجهي بمياه قدسية”، وعندما قلت “البيت لنا … القدس لنا ” حملت الكوفية التي كنت ألبسها بيديّ، ومرسوم عليها صورة القدس، ومكتوب عليها “فلسطين لنا …فردّدت قائلة: “البيت لنا … “القدس لنا… فلسطين لنا

بالفعل … لا أستطيع ان أصف شعوري في تلك اللحظات، حيث انطلقت على سجيّتي … خصوصا وأني أعرف جيدا أنه لم يكن يشاهدني أحد من البشر الأحياء … وإنما كل من كان يشاهدني هم فقط هولاء الأموات الذين كانوا يجلسون على مئات الكراسي الفارغة في قاعة “سنتنيال” في”سيدني تاون هول”، من الأقارب والأسلاف الذين فارقوا الحياة ورحلوا عن هذه الدنيا، وانتقلواعند الموت إلى عالم الأرواح، ومضوا في رحلاتهم إلى جنات الخلد. وتذكرت أختي جولييت التي توفاها الله في الخارج قبل يومين فقط من إلقائي القصيدة … فأهديتها لها … وكنت أحس بها وأعرف جيدا أنها تسمعني بروحها … وشعرت أيضا بوجود أمّي التي فارقت الحياة في سيدني منذ شهور مضت… وتذكرت أبي الذي رحل في فلسطين منذ عقود … وعماتي وخالاتي … وأجدادي الذين لم أقابلهم … وتخيلت هدوء جميع الراقدين من الأسلاف … وقلت في نفسي … رحم الله هؤلاء الموتى القاطنين براحة أبدية في جنات النعيم … حيث لا سياسة ولا تسييس يجوزعليهم من أحياء البشرالمتحركين على وجه الأرض … هذه هي فلسفة أكيرا تاكاياما في التعبيرعن الثقافة واسترداد اللغات المفقودة وإعطاء البشر صوتا … للأحياء والأموات … لأن وظيفة الفن تكمن في إتاحة أماكن فارغة حيث لايمكن أن تسيطرعليها السياسة” … وسألت الله أن يرحم الجميع أمواتا وأحياء … وأن يلهم ساسة العالم الإرشاد الحقيقي في إيجاد الحلول العادلة لجميع الشعوب المقهورة ، بما فيها فلسطين الجريحة … وأن تكون القدس عاصمتها الأبدية .