بقلم مارسيل منصور By Marcelle Mansour
إنّ من علامات هذا العصر المميزة ، أنه عصر العلم والتكنولوجيا وتفجر المعلومات والسرعة ، وفي نفس الوقت – للأسف – فهو عصر ينتابه كثيرٌ من الظلمة والشر واهتزاز المعايير ، حتى لنجد ساسة عصرنا محتارين في أمرهم وعنائهم و جهدهم نحو إصلاح الأمور ، في زمن الماديات والإضطرابات و جنون التعصب و البربرية و الوحشية و الإرهاب الذي يهدد الأمن والإستقرار في العالم .
قد يتفق البشر في معظم الأحيان على المفاهيم المجردة ، ولكنهم غالباً ما يختلفون إذا قاموا بالتحليل الخاطئ في التفاصيل الجزئية التي تقع تحت ذلك التجريد . فمثلا إذا اتفق الجميع على حب الفن المرئي بوجهٍ عام ، نراهم يختلفون في مدى قبولهم أو رفضهم لنوعٍ معين من الفن … وذلك بسبب إختلافهم في الفكر والتذوق وفي تفسيرهم للمضمون …ولهذا نرى الناس من أصحاب السياسة والإجتماع والدين يتفقون على المظهر العام ، ولكنهم يختلفون في آرائهم عند شرح الجزئيات ، ولذلك نراهم يتشاجرون ويتخاصمون ويتحاربون وينقسمون … لماذا ؟ لأن الإنسان في هذا العصر يقف متحجراً أمام مرونة التفكير والتأمل العميق والغوص في الأغوار من أجل الإدراك السليم الذي يؤدّي إلى توضيح الرؤية الحقيقية للمفاهيم المحددة الصحيحة بمنظار جديد . وذلك لأن من خصائص التجريد في الفكر، أنها تجمع الناس على اختلاف أنواعهم وأجناسهم وثقافاتهم ودياناتهم وعقائدهم وميولهم ، عن طريق إذابة الحواجزالجزئية والتفاصيل الدقيقة التي تؤدي إلى ارتباك المعاني واختلاط المفاهيم وتشويه الموازين .