كتاب (الطريق إلى بغداد) للدكتوروالمؤرخ سليم نزال

          

 By Marcelle Mansourبقلم مارسيل منصور
 
لقد طالعت منذ زمن وصفاً أورده أحد النقاد في الأدب : “الأدب هو – كما قيل –  ” نقد الحياة بكل جوانحها ، تمحيصاً ومراجعة وتعديلاً وتقويما … الكاتب الحق مواطن ناقد … والكاتب الأديب مصباح يضيئ معالم الطريق ، وقد تكون هداية المصباح كشفاً لما هو جديد أو تحليلاً لما هو قديم … وفي كل الأحوال فإن الكاتب الأصيل يظهرفيما يختاره من خلال طبيعته الحساسة الناقدة ثم نقله للآخرين .”هكذا هم ألأدباء و حملة الأقلام ، قد جعلوا الثقافة دماً ثانياُ للإبداع ، كما يبرهن الأدب اليوم ، شعراً كان أم نثراُ أنه قد أصبح دماً آخرللشعب الفلسطيني ، وأنه العمود الفقري الإنساني لصوت فلسطين ، ولأن هذا الإستمرارالذي يمارسة مثقفوا وكتّاب وشعراء ومبدعوا شعبنا الفلسطيني ، سواء على أرض الوطن أو في بلاد الشتات ، هو النبتة الحية الي لا تنضب ثمارها ، والتي تظل وقوداً ليشعل نورالأمل نحو إبراز حقيقة القضية الفلسطينية للعالم من أجل وضع الحلول العادلة وإنهاء الإحتلال .وتلك ظاهرة الصحة في كتاب (الطريق إلى بغداد) – مسرحيات الدكتور والمؤرخ النرويجي الفلسطيني الأصل ، سليم نزال – التي تتكامل في نسيج خيوطها لتعزف لحناً مميزاً من تاريخ الشعب الفلسطيني والعربي ، وآلامه ونضاله . ففي مسرحياتة القصيرة لها نكهة الأغنية الشعرية في لغة الحوار، وكأنه يختصر الثقافة والتاريخ في اختزال مميز، ويعايش الماضي و الحاضر بكل جوارحه ليمتزج بالتحدي الإنساني كمحورانعكاس لعالم التجربة والتعبير، رافضاً هول دمارالحرب بوجهٍ عام ، وداعياً إلى السلام . فأعماله كتلة من الشعورالمتوهجة والأحاسيس الإنسانية التي تختزن في شغاف قلبها تاريخ الوطن المحتل المنقوع بالآلام والمعاناة ، وتحركه حرارة الإيمان بالقيم والناس والحياة وبالعودة والحرية والسلام والتطلع إلى مستقبل حرية البلاد الذي يداعب خيالنا وأحلامنا وآمالنا عبرالإحساس بالواقع الذي نعيشه نحن الفلسطينيون بكل ما فيه من قهر وظلم وطغيان وضياع .  فهو مثل جميع المبدعين ، كالمقدمة الموسيقية التي تشق طريقها نحو لحن الخلود في طليعة الدفاع عن الوطن بأشكال متعددة ، والدكتور نزال قد يسستقي أعماله الفنية من إطارات الحياة اليومية ، ويتحدث بلغة الحوار والمخاطبة ، فيصف المناظر الدرامية بطريقة موضوعية استيراتيجية حتى تصبح المسرحية في النهاية أشبه بتحليل وثائقي عن الفن والإبداع والتاريخ الفلسطيني معاً
 يهدي المؤلف الكتاب إلى والديه رحمهما الله ، وفي المقدمة يشرح عن الأسباب التي دفعته لتأليف هذا الكتاب ، فيعطي القارئ فكرة عن صدي الحروب في تاريخ الأدب الإنساني حتى عصرنا الحاضر، والتأثير المرعب الذي خلفه من قلق إنساني ، ثم ينقل القارئ إلى أجواء رحلة يتجول فيها عبر ستة عشر مسرحية قصيرة مختلفة يصفها بريشة الفنان المبدع وكأنها لوحات فنية ، فيتخذ لغة الحوار تارة ولغة الشعر تارة أخرى ، وينسج فنه الخاص بينما يعيش التجربة ويكرر ويعيد التكرار، ويحاول من مسرحية إلى أخرى أن يتجاوز معطيات العمل المسرحي المعاصر، ليأت بمعطيات جديدة ، لمسرحيات قصيرة جداً تناسب الأدب الجماهيري . يلجأ فن المسرح عند الدكتور نزال إلى الحوار التعبيري عن قصص الحروب والإحتلال والهجرة والمعاناة من جراء النكبات والكوارث التي حلت قي تاريخ الشعب العربي والفلسطيني ، ويربط حوادثها بعبارات وألفاظ سلسة مألوفة ، ولكنها تأخذ بريقاً جديداً هو بريق الأمل وسط الحروب المتلاحقة ، لأنه من وسط الشعاع الكثيف ينبثق شعاع الأمل .

يقول الكاتب : ” أسميت الكتاب باسم أحد المسرحيات المسماة بهذا الإسم ، (الطريق  إلى بغداد) هي ليست سوى اسم رمزى يشير إلى ظاهرة الإقتتال والحرب والدمار التي تعم بلادنا “.  لقد كتب المؤلف مشاهد هذه المسرحيات في ظل أجواء الحروب الداخلية والإنهيارالتي لاتزال تعيشها المنطقة العربية. فهو المؤرخ الشاهد لأحداث العصرالمظلم وما ينتابه من كوارث وقتل ونهب وتدمير تراث وإبادة آثار و تهجير بشر.

أود هنا – لو سمح لي القارئ – أن أستعرض بعض القبسات من مقتطفات الكتاب ، ففي حوار المسرحية نفسها ، (الطريق  إلى بغداد) يقول ’الرجل المجهول الإسم’ :”  …عندما يأتون يجدون ألف سبب لكي يتحاربوا” ص24… والآن لا يوجد سوى الحرب” ص25 ، فترد عليه ’عدلة ’ – وفي تخمينها أنها الشخصية الوحيدة التي نجت من الحرب – فتقول : “إذن لم يعد في ذاكرتك سوى الحرب؟” وبعد أن طال الحواربين هاتين الشخصيتين وهم يحاولان التفكير والتمحيص والتحليل في أسباب الحروب –  “كالأنانية ” مثلاً – ووضع الحلول لها ، يستخلص ’الرجل’ بأنه ” …لا يوجد سوى حل نزع فكرة الحرب من العقول …..لا بد من اجتثاث الفكرة من الجذور.” ص 27 . وهنا لا أخفي على القارئ كم أحببت هذه العباره …لأنها تحمل نفس المعنى للأطروحة التي أنجزتها مؤخراً في أعمالي الفنية بعنوان “ثريشهولد 2013” أي “نقطة التحول” والتي أستخدم فيها الضوء وأدعو إلى إنهاء الحرب والتغيير الجذري من أجل السلام العالمي وولادة إنسانية جديدة .  ولا بد وأن أشيرهنا إلى وجه التشابه في الهدف والمغزى في أعمالنا الإبداعية ! وكيف لا نتشابه نحن المبدعون في الفكر والإحساس؟ وكيف لا ؟  خصوصاً إذا كنا نحن فلسطينيون في الجذور – مسيحيون ومسلمون – نعيش في بلاد الإغتراب ونتفاءل بإشراقة الأمل !  ولعلني أذكر هنا في مسرحية (السفينة تغرق) تغني’ ليلى’ : ” آه كم نحتاج لنقطة ضوء ولو بحجم شمعة ” ص 68 ، كما وتغني’ أمل’ للفرح : “يا وردة الطيون العطرة …وبهية مثل امرأة من يافا” ص69 . وفي مسرحية (مسافرون في الزمن الجليدي) يقول المؤلف “لا تهجروا سنابل الأمل” ص83 ، ثم يتغنى بصوت الرومي (في حضرة جلال الدين الرومي) بلغة “التسامح وصفاء الروح” ص 90. وفي مسرحية (الفكرة القاتلة) يتحدث عن أنانية الإنسان المضاعفة في وقت الحروب ص 33، وفي مسرحية (الوحش قادم) حيث تخيم الكآبة التي تقتل الجميع في بكاء الغابة المظلمة ، ولكن تنسحب الغيمة وتشرق الشمس لتيقظ الضمائر وتهزم الوحش المفترس لتضيئ أقواس قزح ص53 . أما في مسرحية (لأجل مجد كنعان) فقد تنتهي بأن تدخل الملكة ’ بعليت ’ المعركة بنفسها ضد الأعداء ص65 وهي التي قالت : “جيشنا صغير لكن إرادتنا كبيرة” ص 61 ، وفي اعتقادي أن المؤلف هنا – وهو الفلسطيني الكنعاني الأصل – يرمز إلى فلسطين المحتلة وشعبها ، وفي (الروابي التي ماعادت لنا) يكرر” لا تنسوا أرض كنعان” ص 77 . كما وتتخلل المسرحية طيفً من الأشعار : “يبكي على مصير الإنسان”ص 80 . ثم في (أخيراً جاء الطفل) والحوار الجدلي بين الجدتين المسيحية والمسلمة والصراع ما بين القديم والجديد ص 100، ففي هذه المسرحية يكتشف المؤلف أعمق الأسباب الموضوعية للتغيير الإنساني والتسامح الديني والطائفي والرغبة في الإنفتاح والتعايش الأخوي .  وفي كل المسرحيات الأخرى التي يحكي فيه الدكتور نزال عن المواقف الإنسانية – مثل مآسي الحياة في التاريخ الفلسطيني والصدمات والأزمات التي تتحكم في المصيرالبشري ، فهو يعمل على تأويل محتويات الشعور و إلقاء الضوء عليها والكشف عن التجارب الإنسانية وما ينطوي فيها من تصوير مواقف الألم والأمل.

هذه  بعض من مقتطفات لبعض المسرحيات التي جاءت في كتاب الدكتور نزال والتي لا يمكن حصرها هنا ، إذ يكشف فيها لنا عن حقيقة التاريخ الفلسطيني في ظل معايشة الحروب والنضال من أجل الإستقلال ،  وينقلها للقارئ في مسرحيات معاصرة على أمل أن تخرج إلى عالم النور لتمثيلها و رؤيتها على خشبة المسرح .

أقولها هنا بمرارة وأسف شديد ، أن هذا العصرالمحيرالذي نعيش فيه قد أصبح ينتابه العديد من ألوان الشروالظلام الحالك ، إذ تختلط فيه المفاهيم وتتشوه الموازين ، في زمن مادي مضطرب ، ملطخ بدم الإرهاب البربري الذي يهدد استقرار العالم شرقاً وغرباً . فنحن في عصر الكوارث التي أصبحت تتلاشي فيه المعاني الحقيقية لجوهرالقيم الهامة في حياتنا : مثل مضمون الإنسانية ، الديموقراطية ، الحرية ، التحرر، الحق ، القانون ، العدالة و حقائق التاريخ وغيرها ، وكم يراودنا القلق خشية اندثارها . فالكاتب يتابع بقلق شديد ما يحدث فى بلاد الشرق من أعمال الطرد والتهجير والقتل الشنيع من أجل التطهير العرقى والثقافى الذي تقوم به جماعات بربرية لفرض ثقافة غريبة وتدمير النسيج الاجتماعى والثقافى للبلاد الشرقية ، دون أن تقيم وزناً لأى اعتبارات أخلاقيه أوإنسانيه أودينية . كل هذا يحدث في خضم الصمت دون رفض أو إدانة لهذه الأعمال الهمجية . هذا إلى جانب تزايد العنف والإرهاب في العالم . و لذلك فإن في أعماله الإبداعية هذه في فن المسرح تتوق إلى هدف محدد في الفن المعاصر ، ألا وهو لفت نظر العالم إلى إعادة التفكير فيما يحدث و تغيير الرأي في العالم إزاء استمرار أزمات الحروب المتتالية وتزايد العنف والتعصب والإرهاب ؟  خصوصاً تجاه الدول التي تعاني من القهر و مرارة الاحتلال والشتات الناجمة عن الحرب مثل بلادنا فلسطين ، والعراق وسوريا وغيرهم من الدول التي لديها ما يكفي من الجروح العميقة الدائمة والتي لا يمكن أن “تلتئم”  إلا من خلال  التغيير الجذري نحو خلق “إنسانية جديدة”.  إن ما نجده في تأليفه الأدبي من شعر ومسرحية وقصة ، إنما يتناول مواد مستمدة من نطاق شعوره .  هكذا يشعر ويفكرهؤلاء المبدعين من أبناء فلسطين ، فلا شك أنهم قطعة من نسيج التاريخ الذي حمل و لا يزال يحمل الهمّ الفلسطيني على عاتقه ، ويعمل جاهداً من أجل التغيير وإنهاء الإحتلال و رفع راية الحرية والسلام .

بعد انتهائي من قراءة كتابه (الطريق إلى بغداد) – من مسرح الحرب –  أصابتني رعشة حزن تبعتها نشوة ابتهاج ، حزن الألم وابتهاج الأمل . فالدكتور نزال يسكب المشاعر كلمات حية يصوغ منها قباباً للأمل والحياة في كلام بسيط وصور شعرية بعيدة عن التكلف ، ولذا فإني أرى أن البساطة في أسلوبه هو فاتحة للجمال والعذوبة والسلاسة حيث تدخل إلى القلوب دون استئذان . وكتابه بالرغم ما فية من االمرارة والأسى فإنه طافح بالمحبة والأمل والتوق إلى الحرية والحياة .

هنيئاً لكاتبنا المميز الدكتور سليم نزال صدور كتابه الجديد ، وإلى المزيدٍ من العطاء والإنجاز الإبداعي  .

“الطريق إلى بغداد” هو كتاب الكترونى ومجانى ويمكن الحصول عليه من عدة أماكن مثل دارالنشر و كتب غوغول ،
https://books.google.no/books
“الطريق إلى بغداد”
الطبعة الأولى ، لندن
المؤلف: سليم نزال
E- Kutub Ltd  الناشر:
Salim_nazzal@yahoo.com
104 Pages
ISBN: 9781780581415

النجم الساطع محمد عساف فخر فلسطين فى كونغرس الفيفا 46

النجم الساطع محمد عساف

 By Marcelle Mansourبقلم مارسيل منصور

هكذا هم شباب فلسطين…كانوا أغنياء في الفكر والفن والابداع…ولكن ظروف الحرب كادت أن تطمس كل المواهب حتى أصبحت أجواؤها وكلماتها وأنغامها شيئا مغلقا وشبه مدفون أو غير مرئي…وكأن الابداع الفلسطيني بات سوداويا مغلقا بمسحات من الحزن والضياع ومرارة الاحتلال…هذا وإن كان دائما يحمل في نبضات قلبه خفقات الأمل والتحرق شوقا إلى نيل الحرية والعودة إلى ديار الوطن.
ولكن اليوم ومع شروق نجومية محمد عساف، عندليب فلسطين، يتحول الجو الإبداعي إلى ربيع دائم الاخضرار ليعطينا الأزهار الجميلة والثمار اليانعة والجواهر النادرة والتي تضيف الى أصالة وزهوة تراثنا ذخيرة من الآمال الجديدة والثراء والجمال.
شارك النجم المتألق محمد عساف في حفل افتتاح ” كونغرس الفيفا 64 ” , وتمَ تقديمه باسم فلسطين وهو مرتديا الكوفية الفلسطينية ، وقدم المونديال أغنيته الجديدة ” يلاّ يلاّ يا شباب ” من انتاج البلاتينيوم ريكوردز، والتي تم تحضيرها وإطلاقها خصيصا للمناسبة كما وساهم الجمهور بكتابة كلماتها بالتعاون مع الكاتب نزار فرنسيس والملحق ميشيل فاضل والمنتج الأمريكي العالمي رودني جيركنز وإن هذا الحدث التاريخي يجعل الفنان الفلسطيني محمد عساف أول مطرب عربي على الاطلاق شارك في حفل عالمي ضخم ” الفيفا ” 2014 ، فقد وصل صوته الى ملايين البشر، فاحتل قلوب العالم العربي منذ كانت قفزته السريعة الهائلة من الغناء في حفلات غزة المتواضعة الى طريق الشهرة خصوصا بعد أن أصبح نجما ساطعا يلمع فى سماء الفن بعد فوزه ببرنامج عرب أيدول 2013
ولد محمد عساف في سبتمبر 1989 في فلسطين لأبوين مهاجرين بعد نكبة .1948
والدته من قرية بيت دارسه ووالده من بئر السبع ، حيث استقرا في مخيَم خانيونس للاجئين في غزة عندما كان في الرابعة من عمره ، ووالدته انتصار وهى مدَرسة الرياضيات عملت على تنمية الموهبة الموسيقية لدى محمد عساف منذ الخامسة من عمره والتي صقلها بالممارسة والتدريب . وبعدها اكتسب عساف شعبيته على نطاق واسع بين الفلسطينيين وجميع أنحاء العالم العربي من خلال أدائه الممتاز للأغاني العربية والأناشيد الوطنية التي تخدم القضية الفلسطينية … وتعتبر مسيرة عساف مليئة بالإنجازات حيث قام بإحياء حفلات عديدة في خلال عام واحد. وقام بجولتين فى الولايات المتحدة وكُرم فى أهم الأماكن الدولية، وقد تعددت الألقاب التي نسبت اليه…ذكر منها لقب ” الصاروخ ” من قبل المطرب اللبناني راغب علامة في العام الماضي 2013، ولُقب ” سفير النوايا الحسنة للسلام ” من قبل وكالة الأونروا، ولقب ” سفير الثقافة والفنون ” من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس كما ومنحه مزايا دبلوماسية … وقبل كل هذا ” عندليب فلسطين “، واليوم لقب ” فخر فلسطين ” . لقد شاهد الملايين من الناس أداء عسَاف الرائع فى أغنية ” يلا يلا ” في اليوتيوب ، فبعد انتهائه من الأغنية قدَم الشكر للجميع وأنهى كلمته العذبة بعبارة رائعة قائلا : “تحيا فلسطين ، فيفا بالستين” ، وفى هذا السياق أعتقد أنها مناسبة هامة لأن يحتفل الجمهور الفلسطيني والعربي بنجوميته لأنه تخطى اليوم بأغنيته كأس العالم + 360 عساف عبر قناة البلاتونيوم على موقع يوتيوب العالمي، المليون مشاهد في أسبوع واحد وكم كان جميلا أن يشاهد الجمهور فى كل أنحاء العالم ملصقات من صور عسَاف على مدرجات ملعب كوريينثيانز أرنيا في ساوباولو، والأجمل من ذلك أن نري كيف استطاع هذا الشاب الفلسطيني الوسيم الطلعة أن يلهب المواقع الالكترونية وأن يختطف قلوب وأنظار المعجبين على صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها حيث تفاعل الجميع على مشاركة النجم وعبَروا عن اعجابهم لفنه ومساندته لوطنه حيث هتف الجميع ” كلنا معاك يا محمد عسَاف الى فلسطين “. وأود أن أذكر هنا أن ريع هذه الأغنية يعود لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات
ان هذا النجاح المتألق هو قفزة سريعة وهائلة تخفق لها القلوب لأنها تضفى روعة البهجة وتبعث نشوة الفرحة في نفوس الشباب الفلسطيني الذي أضناه ويل الحرب وعذاب الاحتلال.
محمد عسَاف هذا الاسم الفلسطيني اللامع الذي تأَلق في عنفوان الشباب ، والذى حلقَ في سماء أمريكا وألمانيا والبرازيل من أجل أن يسمع العالم صوت الحياة والحرية وأن يعرف أن هناك في فلسطين أطفال وشباب يعشقون الحياة، وينتمون للأمل، ويرسمون على شفاههم ابتسامات الحب والتفاؤل، ويرغبون في العيش الرغيد، ويحلمون في بهجة الهناء ونعيم السلام في ظل حياة طبيعية مستقرة. هنيئا لهذا الشاب المبدع، وإلى مزيد من التألق والنجومية يا عندليب فلسطين ويا فخر فلسطين

  16/6/2014 هذا المقال قد نشر في جريدة التلغراف العربية ، تحت عمود كلمة عابرة ، بقلم مارسيل منصور بتاريخ

ندر اللهفة ونبض الفؤاد الواحد

        ندر اللهفة    By Marcelle Mansourبقلم مارسيل منصور El-Telegraph 10 June 2014

By Marcelle  Mansour   بقلم مارسيل منصور

سؤال أطرحه على نفسى … كيف يحس هؤلاء المبدعين من شعراء وفنانين وأدباء المهجر فى الاغتراب؟ كيف يحس هؤلاء؟ … اننا جميعا أفراد أسرة واحدة، أفراد الهجرة والغربة والاغتراب … نحن جميعا حاملوا هموم الوطن وجروح ومعاناة … حتى اذا التقينا هنا فى الغربة أحسسنا نبضا فى القلوب … إنها اللغة الواحدة … إن كان شعرا لبنانيا أو مصريا أو سوريا أو فلسطينيا أوعراقيا أو غيره … إنها القصيدة واحدة، والجرح واحد، والأمل واحد … إنها نبض الفؤادالواحد هو الرباط المشترك لأن اللغة العربية بتعدد لهجاتها لها سحرها الساحرالتى تحمل أنفاس الحياة.

وهنا يطالعنا الشاعرالمخضرم الأستاذ فؤاد نعمان الخورى بديوانه الجديد ” ندر اللهفة ” فجاءت أشعاره لها وقع مؤثر حتى وكأنها الطير الذى يفرد جناحيه ليضلل على الإنسانية جمعاء .. إنها لغته الشعرية الأنيقة بعمقها العميق.. جمال الكلمات والمعانى فيها تتعانق وتتعلق ببعضها كأنها شجرة الأرز تتشابك فروعها وتتكاتف.  ولابّد وأن أذكر فى هذا السياق أننى وقفت لحظة أفكرعندما قرأت على غلاف الكتاب ” شعر لبنانى” – لأنى أحب ألفاظ اللغة العربية الفصحى بصفة عامة وأبيات الشعر بصفة خاصة – حبا كثيرا ما يحملنى على التعمق بمكنوناتها وإعادة قراءتها .. ورحت أقرأ الكلمات الشعرية ذات اللهجة اللبنانية الجميلة …فأحببتها أكثر مما كنت أتوقع .. والأهم من ذلك هو أن الشعراللبنانى الذى يتغنى به الشاعر فؤاد نعمان الخورى يحمل فى عروقه وشائج القربى .. له مضمون حيوى ووقع فى المشاعر ينتقل من روح الى روح، تجعلنا نحس جميعا أن عباراته هى خيوط صوتية تتأرجح فى مشاعرنا وقلوبنا ..فنحن جميعا فى الّهم شركاء، هذا مما يجعل الشاعرأو الأديب أو الفنان العربى شاعرا للجميع.  لذلك فان قلب فؤاد الشاعر النابض هو فؤاد الجميع. ان أحمد شوقى، وجبران خليل جبران وناجى العلى، وأم كلثوم، ووديع الصافى … لم يكونوا لأوطان مصر ولبنان وفلسطين أكثر مما كانوا للعرب جميعا لأن الإنسانية واحدة

ففى” ندراللهفة ” جاء قلب فؤاد النابض يفعم بالحس المرهف، فتراه يرشق بقلمه كلمات الشعرالمؤثرة.. وهنا كم أود أن أستعرض هذا الديوان للقارئ وأن أقدم له قبسات فنية تظهر فيه غزارة المادة وجمال الصور!.. ففى هذا الأسلوب استطاع الشاعر أن يلتمس طريقه الى عالم التعبيرلابراز مشاعر النفس الانسانية والمعانى العميقة، إذ تعتصره آلام الغربة ومحبة الوطن تارة، وتعانقه نشوة الحب والسرور تارة أخرى … فهو يعيش حياة الاغتراب والاندماج فى المهجرالاسترالى فى وقت واحد … هو” العطشان” الذى يسكب من كأس ” لبنان ” مرارة الغربة و” الحرمان ” ص 15 ثم يتذكر” الندر المخفى” وسرعان ما يكتشف أنه ” ندر اللهفة ” ص16 ولذا فهو” الهربان” من وفاء الندر ومن لهفة الندر و”الأحزان”.  يقول فؤاد فى صفحة 25 “يا ندر لهفة وما قدرت توفى”، وبعدها يطالعنا بنسيج جديد يتخلله شعاع من خيوط التفاؤل والأمل الممتزج بمسحة من الأسى ليكون بلسما يضمد جراح الغربة فيقول فى صفحة 21 “امبارح يا حنا فى عيد البشارة اجتمعوا سوا اسلام ونصارى” “عزفوا النشيد الاسترالى … نشيد الأرز غنوا ” … ثم يسترسل الشاعر فى أشعاره وهو المهاجرالقائد المرشد الذى يحمل هم الوطن على كتفيه فيقول: ” كنايسنا ومآذننا … يتقاتلون فى لبنان ..لا تتركوا الاديان تفتتنا” ص22

وفى أشعار فؤاد نلمس إحساس الشاعر وتعلقه بالجذورالشرقية اللبنانية، فهو الزوج المحب والوالد الحنون، فينقلنا الى واقع حياة العائلة المهجرية الحقيقية : “مغروم ابنى باسترالية … بلا حفلة … ولا ليلية … هيدى الديمقراطية” ص17 . ثم يتغنى الشاعر بابنته الشابة الجميلة ” لميا ” فى عيدها الواحد والعشرين، فهى المثل الأعلى للفتيات اللبنانيات الاستراليات ..  “من المدرسة للجامعة .. اللى بعمرها ليل وجنون وكاس.. وهى فى هم  الدرس مهتمه” ص87 . وفى”حديث المى” ..” مارجريس عم يدفع النادر” ص35 .  ثم ينقلنا الى زهوروبساتين فيصور قصة التكوين وتفاحة آدم وحوّا وورقة التين ويناجى ورد الشام وزهور فلسطين” ص43.  ويواسى معلولا فى قوله ” جراس العيد أعلى من البواريد” .. ” شعب لبنان شريك الوجع والهم والصلبان” ص55 .  وفى قصيدة ” يا خاطف المطرانين” “من الشام وبلاد النهرين.. مصر .. فلسطين .. السودان  .. يا شعب ذاٌق المر من كوعين” ص67 . ثم يدوى صوت الشاعر فى الفاتيكان ويقول” يا ويلك من الظلم يا سبحان” ص69 .  وفى رحيل الفنان وديع الصافى” كل الشرق من فن لبنان ارتوى” ص98 .  وفى ” فيروزيات الفؤاد” يتغنى بباقة من أعمال فيروز الخالدة ” يا شرقية يا قهوة الصبحية ” .. يا غربية كرامة الانسان والحرية ” ص123 . ثم فى مانديلا يقول : ” يا أسود يا جامع الأديان ع العدل ع حرية الانسان ” ص153

هذا هو شاعرنا، شاعر لبنان الذى يكتب للإنسان … فجاءت أشعاره وحدة متماسكة لأنها تتصل بأشخاصنا وأرواحنا وكأنها صورة دقيقة لنفوسنا .. تربطنا بالواقع الذى نعيش فيه وبالعالم الذى يحيط بنا .. ولذلك فإن شعر فؤاد نعمان الخورى هو شعر  نابض بالحياة .. لابد وأن نعتز به اعتزازنا بالنفوس.  هذا الفؤاد هو النبض الواحد

“موجزلخلاصة كتاب الأب يوسف جزراوى ” أحاديث قلم في مرايا الذات والمجتمع

Marcelle Mansour ‘s Art work on “Conversations of a Pen with Reflections on Self and Society” book by Rev. Fr. Yousif Jazrawy

      By Marcelle Mansour بقلم مارسيل منصور

قرأته وأعدت قراءة بعض فصوله ،  فوجدت أنه كتاب ممتع حقاٌ … ونافع بأدق معانيه فى هذا الكتاب ” أحاديث قلم في مرايا الذات والمجتمع”، رحلة جميلة فى تأمُّل الذات وما حولها ، حيث اجتاز الكاتب الأب يوسف جزراوى مواقف متعددة من الحياة ، استطاع خلالها أنْ يعكس مرايا وقفاته الفكرية والوجدانية المُحّددة ، قوامها أنَّ حالة التأمّل هي الحالة الأكيدة التي تُخرج الإنسان من واقعه المُحدود . فالإنسان المتأمل البصير يستطيع أنْ يرى شُعاعاً من النور قد يكون هو الرؤية الحقيقية التي يستشف من خلالها المعانى الصحيحة للمفاهيم الضرورية لحياتنا مثل : التحرر و الحرية ,المسئولية والإنسانية وغيرها ، حتى يُغيّر من واقعه إلى الأحسن

لقد أختار الكاتب الأب جزراوى من أعمالي الضوئية لوحتين بعنوان “التحرر” و لحظه التحول” لتكونا علي غلافيّ الكتاب ، وطلب مني إبراز معانيها ، و هي أنَّ التأمّل فى الذات وما حولها من خلال النور ، والغوص في أغوار النفس البشرية ، هى حالة تولّد فى الإنسان طاقة جديدة ليكتشف حقيقة نفسه والعالم من حوله حتّى تتسع أمامه رقعة المعانى ، فينطلق إلي العالم الرحب بمنظار جديد . وإن المحور الأول والأخيرهنا هو “الإنسان” و”الإنسانيه” من أجل التغيير إلى الأفضل

وكما نعلم أن حياتنا على امتداد ما يحدث في القرن الواحد والعشرين مضطربة الأمواج ومهتزلة المعايير، إذ أن عصرنا يكتنفه كثير من الضباب ، لأنه عصر التحولات السريعة والأفكار المتعددة .  إننا في هذه المرحلة التاريخية المعاصرة والأوضاع السياسية والإجتماعية الراهنة التي يجتازها الفرد منا سواء في بلاد الأم أو بلاد المهجر  لفي أشد الحاجة إلى من يبرز خفايا ذواتنا ، ويحلّل اتجاهاتنا الفكرية والإبداعية ، ليكشف لنا عن الجوهر الكامن وراء ستائر الإضطرابات المبهمة ، في ظل واقع التعدد والتنوع قي الفكر الفردي والثقافي عند الأفراد و المجتمع

 ولهذا فإن الأب جزراوي اعتمد قي كتابه هذا أن يخوض غمار مواضيع شتى يتوق القارئ إلى استيعابها ، وهوالأديب الأسترالي العراقي الأصل ، و في هذا العام يطرق الباب الخامس والثلاثين من بوابات العمر ، وينجز الكتاب السادس والعشرين. وإن كان لا مجال هنا لأن ألخص الكتاب كما ينبغي تلخيصة ، فرأيت أن أسهب للقارئ الفكرة العامة عنه بإيجاز شديد كما يلي

  الكاتب يحكي أولاٌعن الذات المقهورة ، والتي طٌبعت ملامحها على ذهنه ،”نتيجة ترصدات وتحليلات لوقائع إجتماعية وسياسية عصفت بالفرد الإجتماعي ، ولا غرابة في أن هذا الشعور بالألم ، جعله يطلق على مهزلة “الربيع العربي” اسم “الربيع الدموي” ، وعلى بغداد “أرملة الفرح” بعد أن كانت مهد الحضارات والأديان … ومدينة الجمال والحياة” . من كلماته :”متى ستتحول أحاديثنا من الموت إلى ثقافة الحياة ، من لغة الحرب والإقتتال والعنف إلى لغة المحبة والسلام؟ “

يبدأ الكاتب في الباب الأول بالحديث عن مأساة العراق ، وصخب الحروب ، ورحلته في رحاب الذاكرة البغدادية الموجعة ، فيتحدث عما يفتقر إليه الناس في العراق ، مقارناٌ أوضاعها بتقدم بلاد الغرب في أوروبا واستراليا مثل المنهج التعليمي في المدارس ، حيث فشل التعليم ، وسوء العوامل الإجتماعية والتعصب والعنف ، كلها من الأخطاء الشائعة في مجتمعنا ص 91.  ثم يكتب عن “حدائق التوازن النفسي” في أماكن البلدان التي زارها مثل السويد  وهو ” الراكض في دروب الغربة وراء الطبيعة والفن والموسيقى” إذ تيقّن أن للطبيعة دوراٌ للإنسان في صقل ذاته وتهذيب طباعه ، وجعله أكثر شفافية وسلاماٌ

وفي الباب الثاني بعنوان “من قلب المجتمع” ينتقل إلى الفلسفة ومعرفة الذات فيقول :” إننا نجيد التعرف على العالم من حولنا ، ولكننا لا نحسن البحث عما يكمن في ذاتنا” ، فيحكي عن الطلاق “وفتح جراح المعذبين في قفص الحياة الزوجية “، وعن حيرة بعض الرجال في بلاد الغرب ، وأوضاع المرأة العراقية المسيحية في ظل مجتمع ذكوري يسوده مفهوم أنا الرجل سي السيد ص 49  ورأيه في المرأة  بأنها  ليست رفيقة فراش ، بل شريكة حياة وإنسانة لها كرامتها ص 105. أما عن موضوع “مشانق التعميم” فهو ضد تعميم الأمور وخلط الأخضر مع اليابس ، مع تفضيل التشخيص والتحديد والتمييز. ص 74 ، وهنا يشير إلى أن هولنده هي عاصمة الإنسان والإنسانية .  وتحت عنوان” بلدان إنسانية الإنسان” يعطي الكاتب مقارنة خاطفة بين الشرق والغرب حيث ” سيدني المعجونة بالقيم الإنسانية التي تبني الإنسان” “…فحكامنا اعتادوا الإغتناء من أموال شعوبهم … وهتافات الجماهير … بينما في هولندا وبلاد الغرب ، تستهويك مصداقية العلاقات واستقامة المشاعر” . وفي فصل “حريق القلب ونزيف الذات” يحدثنا المؤلف عن مأساة عالمنا المادي المعاصر، فإن “هناك نسبة من البشر باتت تنظر ولا ترى وقد تسمع ولا تصغي ، إذ تغيرت المفاهيم عبر الحقبات لأن الدولار يتحكم في الخيار ص 98 .  وهذا يؤدي إلى التفكير في القديم والجديد ، و قدرة الإنسان على التجديد ، للّحاق بعجلة التطور، فالإنسان يسعى إلى التكامل ، بفضل الله و الناس و الكون وذلك لأن يسوع المسيح الحي الأبدي ، يجدد صورة الله في الإنسان ، وأن الوحي مستمر على الدوام . وأنه لا يوجد فكر أو عمل خالص في الإنسان ، وإنما هو لمن سبقوه في الوجود بوحي من الله ، مما يفسر مقولة الفيلسوف عمانوئيل كانط :” نحن نبتدئ بما انتهى به الآخرون” ص 84 ، كما و يؤكد المؤلف مفهوم التحديث ، بحديثه عن عقدة توارث التقاليد دون التفكير في مصداقيتها، أو إبداع أفكارجديدة تفيد حاضرنا و مستقبلنا ، وأن الغرب قد  وصل إلى الرقي في الحياة  بسبب حرية الرأي وثقافة التنوع وقبول الآخر المكفولة للجميع .  كما و تحدث عن الثقافة الجديدة التي يكتسبها الإنسان في هذه البلد ، وضرورة إحداث التغيير من اجل العيش بموضوعية ص 64 . وعن دنيا الأحلام والخلود يستدل بكلمات الفيلسوف الألماني مارتن هايديجر : “كي يكون الإنسان نفسه ، ولكي يكون حاضراٌ في الوجود ، عليه أن يكون له حضور في الحياة.” ص 118، وأيضاٌ كما قال سقراط “إعرف ذاتك” ص 124

وفي الباب الثالث والأخير بعنوان”روحانيات” يشير الكاتب إلى أننا في”زمن ضيع فيه الإنسان إنسانيته إلى حد شهدنا إنساناٌ يقتل أخاه باسم الله .” ص 153 ، فيطرح السؤال ” هل أحال الله نفسه على التقاعد؟  ثم يعطي الجواب فوراٌ  :”لنفتش عن الله ” في زمن العولمة المفعمة باليبوسة الروحية وتبدل القيم والأخلاق

ولذا فالمؤلف يدعوك أيها القارئ إلى التأمل العميق في صمت ، تحت عنوان” إهتم بضجيج حياتك ” ص16ويخبرك بأن “الله لا يسمع إلا في الصمت حتى يطبع بصمته على ذاتك فتشرق نفسك إنسانياٌ وروحياٌ ،ويغدو الله حاضراٌ في حياة الاخرين من خلالك “

هذا تلخيص شديد الإيجاز لخلاصة هذا الكتاب . قالوا عنه النقاد :”حينما يكتب الجزراوي هناك متعة” ، وهنا أود أن أضيف : إن الكاتب فى أسلوبه الأنيق استطاع أن يمسّ بقلمه أوتار القلوب – ففى تدوينه و نقله لسلسلة من تجاربه الشخصية وأحاديثه مع القلم – استطاع أنْ يسلب من نفسه كوامن أسرارها ، فانتزعها من بحر أعماقه ونشرها علي الملأ . ولا بُدَّ وأنْ أُشيرهُنا إلى أنَّ الأديب الأب يوسف جزراوى – وهو من أُدباء هذا الجيل المُعاصر – أنَّ نتاجه الأدبي ذو قيمة عالية . فهو يُجسّد فيها أفكاراً عامة و عميقة ، ومهما كان في أحاديث قلمه ، فإنَّ من شأنه إمكانية التأثيرعلى قارئيه في تحويل واقعهم إلى الأفضل

وأخشى ان لا أبالغ إذا أردت الثناءعلى هذا الكتاب ذات الجهد الرائع الذى وجدت في قراءته متعة ورضى ، وأرى أنه يستحق الترجمة إلى الإنجليزية من أجل إفادة الأجيال اللاحقة . ولا يسعني إلاّ أن أهنئ الأب الأديب يوسف جزراوي على براعته الفائقة في تصوير أحاديث قلمه المنعكسه على مرايا ذواتنا و مجتمعنا ، في هذا الكتاب الذي قلما نرى مثله

 

“كلمة الأديبة الفنانة التشكيلية مارسيل منصور في كتاب ” أحاديث قلم فى مرايا الذات و المجتمع

Marcelle Mansour's speech on the bool launch of “Conversations of a Pen with Reflections on Self and Society” book by Rev. Fr. Yousif Jazrawy

By Marcelle Mansour  بقلم مارسيل منصور

إن حياتنا على امتداد ما يحدث فى القرن الواحد والعشرين مضطربة الأمواج ومهتزلة المعايير . فهناك علامات مختلفة  تدل على أن عصرنا يكتنفه كثير من الضباب . لأنه عصر التحولات السريعة والأفكار المتعددة . اننا فى هذه المرحلة التاريخية المعاصرة والأوضاع السياسية والإجتماعية الراهنة التى يحتازها الفرد منا سواء فى بلاد الأم أو بلاد المهجر ، لفى أشد الحاجة الى مَن يبرز خفايا ذواتنا ويحلل اتجاهاتنا الفكرية والإبداعية ، ليكشف لنا عن الجوهر الكامن وراء ستائر الإضطرابات المبهمة فى ظل واقع التعدد والتنوع فى الفكر الفردى والثقافى عند الأفراد والمجتمع .

فى هذا الكتاب ” أحاديث قلم فى مرايا الذات و المجتمع ” ، رحلة جميلة فى تأمُل الذات وما حولها ، حيث اجتاز الكاتب الأب يوسف جزراوى مواقف متعددة من الحياة ، استطاع خلالها أن يعكس مرايا وقفاته الفكرية والوجدانية المُحددة ، قوامها أن حالة التأمل هى الحالة الأكيدة التى تُخرج الإنسان من واقعه المحدود .  فالإنسان المتأمل البصير فى أغوار الذات يستطيع أن يرى شعاعا من النور قد يكون هو الرؤية الحقيقية فى أعماق النفس البشرية التى يستطيع من  خلالها أن يخرج من عالمه الصغير الى العالم الفسيح الأرجاء ، ليستشف من خلاله المعانى الصحيحة للمفاهيم الضرورية لحياتنا مثل : الحرية ، التحرر ، المسؤولية والإنسانية … وغيرها ، وبذلك يمكنه أن يُغير من واقعه الى الأجود .

كما وأن الكاتب فى أسلوبه الأنيق استطاع أن يمس بقلمه أوتار القلوب – ففى تدوينه ونقله لسلسلة من تجاربه الشخصية وأحاديثه مع القلم – استطاع أن يسلب من نفسه كوامن أسرارها ، فانتزعها من بحر أعماقه ونشرها على الملأ .  وهنا لابُدّ وأن أشير الى أنّ الأديب الأب يوسف جزراوى – وهو من أُدباء هذا الجيل المُعاصر – أنّ نتاجه الأدبى ذو قيمة عالية .  فهو يُجسد فيها أفكارا عامة وعميقة .  ومهما كان فى أحاديث قلمه ، فإن من شأنه إمكانية التأثير على قارئيه فى تحويل واقعهم الى الأفضل أولاً وأخيراً .

النور والإدراك الحسى فى الفن

Marcelle-Mansour-2014.-Liberation-Light-Mixed-Media-Painting-44x33x14cm    Marcelle-Mansour-2014.-Metamorphosis-Light-Mixed-Media-Painting-44x33x14cm

النور والإدراك الحسى فى الفن

By Marcelle Mansour بقلم مارسيل منصور

فى إعتقادى أنه ليس من حق الفنان أن ينجز أعماله الفنية دون أن يضمر لها فى نفسه دلالات  محددة أو أهداف مُعينة أو رسالة مفيدة ، يخرجها الى العلانية إذا ما طُلب منه.

 لقد اختار الكاتب الأب يوسف جزراوى هاتين اللوحتين بعنوان  “ليباراشين” بمعنى ” التحرير ” أو ” التحرر ” ، و ” متاميفوسيس”  ” بمعنى  “نقطة التحول” أو ” لحظة التحول ” ، لتكونا على غلافى الكتاب ، ولما طلب منىّ إبراز معانيها ، رأيت أن أشرح بإختصار  شديد عن المعانى المُحددة . ومهما كان مدار الحديث هنا ، فالخلاصة هى أنّ التأمل فى الذات وما حولها والغوص فى أغوار النفس البشرية هى حالة تولَد فى الإنسان طاقة جديدة على أن يكتشف حقيقة نفسه والعالم من حوله حتى تتسع أمامه رقعة المعانى المُتلاحقة ، فينطلق من عالمه المحدود الى العالم الرحب ، فإن المحور الأول والأخير هو” الإنسان ” و “الإنسانية ” من أجل تغيير الواقع الى الآفضل .

هاتان اللوحتان هما بعضُ من الصور التى ألتُقطَتْ لبعض من اللوحات الضوئية أثناء تحركها فى معرض “ثريشهواد”  بمعنى ” نقطة التحول ” . وهما ضمن سلسلة من العمل الفنى التجريدى المُعاصر الذى يُخاطب الأجيال فى أى مكان وزمان ، وقد استخدمت فيه النور كمادة ، والإدراك الحسّى والذهنى كوسيلة ، معتمدة بذلك على دعوة المُشاهد للمشاركة فى التأمل بهذه اللوحات الضوئية والتى تتغير ألوانها وأشكالها فى حركة ديناميكية مُستمرة ، يستطيع الإنسان من خلالها أن يُعايش التجربة المُباشرة مع الفن عن طريق التأمّل فى النور والذات والعالم ، أى عن طريق الإدراك الحسّى والفكرى بأدق معانيه والتى تؤدى الى التأثير العميق فى نفس المُشاهد . ولذا فإن فكرة العمل الفنى هى ليست عائمة على السطح ، وإنما تثير فى المُشاهد أو الناقد شهوة التأمل والنقد ليغوص فى أغوارها الى أن يكشف عن رؤية حقيقية تعلن ولادة جديدة من خلال شعاع النور المُنعكس على حواسه وقلبه وروحه وعقله ، فتكسبه هذه الحالة الوجدانية منظارا جديدا تجعله فى حالة أوفر ممّا كان عليه ، وذلك لأن فى النور قوة عارمة ، لها دلالة المعرفة والحكمة تكشف عن الحقيقة المُستترة ، وتعمل على حضور الغير مرئى فتجعله مرئيا .

وفى لوحة “متاميفوسيس” ومعناها هنا ” لحظة التحول ” ،  ينبثق النور ليوحى بأن يتحول الشخص كليا بإتحاد الجسد والروح معا ، وقد تحدث هذه الحالة للفرد عندما يعيش تجربة التأمل فى العمق وليس على السطح . فإن كلمة “ترانسفورماشن” مُشتقة من اليونانية ، ومعناها التبدّل أو التحول أو التغيير ،  لأن التغيير هو جزء من الطبيعة البشرية البيولوجية والنفسية ، وهنا – فى مضمون اللوحة – أقصد عملية التحول الروحى والتى تحدث عن طريق التأمل والتغلغل فى الأعماق ، مما يشير هنا الى الإصلاح الكامل ، حيث يحقق للإنسان ولادة جديدة ، فيتجدد فى الجوهر والكيان ، ليس بالوسائل الخارجية أو السطحية ، وإنما من الداخل ، مما يؤثر على القلب والروح والفكر كجزء واحد ، فيصل عندها الإنسان إلى قمة النضوج الإنسانى .

وفى لوحة “ليباراشين” ، ومعناها ” التحرر” ، فإنى أرى أن الشخصية الناضجة تُشكل القاعدة الأساسية والضرورية فى الحياة الروحية ، والتى تستمد شعاعها من النور حين تتلمس التنوير الذى بدوره يؤدى الى عنصر التحرير من القيود المادية البالية ، والشعور بالحرية الصحيحة ، وأنّ ذلك أمر ضرورى لإستيعاب الحياة المُتجددة والتى فى إمكانها الإستنارة من الرؤية الحقيقية لأغوار الذات ، والتى تؤدى بدورها الى تفتح البصيرة والى الشعور بالمعنى الحقيقى للحرية والمسؤولية من أجل تغيير الواقع نحو حياة أفضل .